قصة هل ينفع الندم قصص قصيرة - أنامل عربية

قصة هل ينفع الندم - قصص قصيرة
سعيد

قصة هل ينفع الندم 

لم تكن هذه الليلة هي المرة الوحيدة التي وقف فيها سعيد متأملاً ذاك الركام الذي اعتلى ما حوله، الظلام مخيفاً و أكوام من الفوضى قد ملأت المكان و زادته ضيقاً و كآبة، يُخيلُ للناظر من الوهلة الأولى أن ذلك كهف أو سرداب ليس له نهاية، سار سعيد متأملاً الغرفة، لم يجد فيها بارقة أمل علها تعيد إليه نبض الحياة و أن هناك شيء مازال بخير، لكن كل شيء انتهى .

لم يعد لديه الآن منفذاً يلجأ إليه، فالدمار قد حطم المكان و الغبار قد أخفى كل  المعالم ، لم يستطع سعيد التعرف على أي شيء كأنه لم يكن هناك شيء موجود . لم يترك له والده فرصة ليدافع عن نفسه، كان يسمع كلماتٍ يتفوه بها والده لا يكاد يفطن لما تعني، يقارنه بأولاد اصدقائه و معارفه، رغم أنه لم يعطه الفرصة ليثبت لوالده من يكون، فقط يرميه بكلمات و يطلب منه ما لايعلمه ولم يتعلمه، هكذا رماه القدر لأن يكون فريسة لما لا يفهمه.

قصة هل ينفع الندم - القسوة 

 منذ لحظات كانت الحياة تعج بالأصوات و الهتافات و الأحلام، لكن، الآن انتهى كل ذلك. لم يتمكن سعيد من الصراخ أو البكاء إذ أن الوقت لم يكن ليسعفه لفعل كل ذلك، جثا على ركبتيه و أخذ يتوجع لا من أجل ذلك المهزوم بداخله إنما شعر كأن أحدهم أخذ سيفاً و قطع جسده أشلاء، أحس بالطعنات بداخل كل خلية من جسده، كانت مؤلمة، موجعة، اسودت الدنيا في وجهه و ازدادت كآبة، تسأل في نفسه هل حقاً انتهى كل شيء؟؟؟  

لا مأوى و لا جسد سليم!! 

أيُعقل أن ينتهي الأمر هكذا في لمح البصر ؟؟

 لم يتوقع سعيد ذي الأربعة عشر ربيعاً أن يكون والده بتلك القسوة فقد أبرحه ضرباً و جعل السياط تضع علاماته على جسده الصغير ، هو لم يرتكب ذنباً ليحصد كل هذا و يحصل على كل تلك الضربات الموجعة التي مازالت آثارها السابقة تظهر للعيان بوضوح. هل هذه هي طريقة الوالد الذي يفترض أن يكون أقرب الناس إليه؟ لقد تدمر و انهار كل ما كان يحلم به.

قصة هل ينفع الندم للكاتبة أروى العريقي
تغير سعيد 

قصة هل ينفع الندم - الشر 

افتقد سعيد لدفء الليالِ الباردة التي تمنى أن يقضيها في حضن حكايات المساء مع والده، اشتاق لسماع النصائح التي تدفق على مسامعه ليتعلم منها في حياته، لكن بدلاً من هذا و ذاك كان يستمع إلى الكلمات المفجعة و... 

الآن إلى أين يلتجئ، إلى أين يذهب، بمن يستغيث ؟

كل ذلك انعكس عليه سلباً فقد بدأ يفتقد الدافعية في دراسته، لم يعد يحبذ الاستماع إلى معلميه أو حتى الدخول إلى غرفة الصف، أصبح مستواه الدراسي يتدهور شيئاً فشيئاً كما تدهورت حياته و تدمرت علاقته بصحته. فقد كل ما هو جميل في حياته. بدأ يترك المدرسة و يلهو مع رفقاء السوء وجد ملاذه وضالته في التسكع في الشوارع و أصبح يتزعم مجموعات تقوم بإيذاء الآخرين و إقلاق سكينة من حوله و كأنه ينتقم لنفسه بهم. 

اقرأ ايضا قصة الحب الذي غير حياتي 

ازدادت رغبته في تطوير مهاراته الغير مرغوبة منه و لجأ إلى زيادة شره على من حوله. هل حقاً ضاع سعيد؟؟ هل ضاع في سراديب التيه و النسيان و العنف الأبوي الذي كان يفترض أن يكون حناناً أَسري؟ هجر سعيد المنزل و أصبح من سكان الشوارع و ما من مصيبة تحدث في الحارة إلا و يكون وراءها عقلٌ مدبر وهو سعيد المتفنن في المشاكل، هذا سعيد الذي تحول إلى تعيس. 

قصة هل ينفع الندم - أروى العريقي
الأحلام 

قصة هل ينفع الندم - الأحلام المفقودة 

فهل من متدبر، هل هناك من يُعيد سعيد التعيس إلى طريقه الذي فقده، لم يكن سعيد يأبه بالأحلام كما كان سابقاً. كان يظن أن الأيام ستُعِد له ما يرغب به لأنه في كنف الأسرة. لكنه في الوقت الحالي أهم احلامه أن ينغمس في كسر كل ما يقاومه، حلمه أن يتلذذ بالأذى، كل ليلة يخلد فيها للنوم يترك قرينه يدبر له مكايد ينتقم ممن كانوا سبباً في جلب أوجاعه النفسية.

شاهد فيديو تحت وطأة الحب 

هل سعيد مخطئ أم مصيب، هل فعلاً والده من تسبب في ايصاله لحاله الذي هو عليه الآن!

أسئلة حيرتني، لكنها واقع حدث و يحدث في مجتمعنا، هذا سعيد أحد ضحايا القسوة و عدم الانصات للصغار الذين هم أمل الغد و بناة المستقبل، كيف اصبح حالهم و تعثروا بعدما فقدوا الأمان.


بقلم الأنامل اليمنية :

" أروى العريقي "

رأيك يهمنا

أحدث أقدم